طباعة

صنمية الصورة في الفضائيات العربية

Posted in الثقافة


لقد تحدث البعض عن صنمية الصورة لكونها تمارس لعبة الإغواء والعنف والترهيب والترغيب ولأنها اخترقت الحياة الإنسانية بشكل لا يمكن إيقافه،فجعلت عالم السلع والأزياء والعلامات والملتيميديا يتحكم في عالم الثقافة والاقتصاد والسياسة. أليست الصورة هي البضاعة والتسويق والاستهلاك والمجتمع ذو البعد الواحد والتنميط المهيمن على كل شيء في المجتمع؟ ألم ينتج الإنسان هذه الأشياء وهاهو خاضع الآن لسلطتها وأصبح هو نفسه شيئا أو شبيها بالسلع والعلامات والصور التي أنتجها؟
لقد أوقعت الصورة الإنسان في الاغتراب عندما أصبح مجرد آلة راغبة تسيطر الدعاية والومضات الاشهارية على إدراكه وتفكيره وسلوكه ولقد كرست الصورة الوعي الزائف بالزمن وحولت البشر إلى سيملاكر ومسوخ ومستهلكي أوهام وقصرت اللذة على المتع البصرية الخاصة بالعيون حيث سيطرت قيم السوق والابتذال على المشهد أين يقع استبدال العالم الواقعي بعالم افتراضي غير واقعي.
إن الصورة المتأتية من الفضائيات تتلاعب بالعقول وتقتل الأحاسيس الصادقة وتميع الثقافة وتجعل كل شيء معروض للبيع والاستهلاك وتجفف كل منابع التلقائية والعفوية وتحرم المرء من الإبداع وتخدره وتفصله عن العالم الحقيقي بحيث لم يعد يعرف الواقع إلا من خلال صورة شبحية باهتة تبقيه في حالة تنويم وتسقطه في النظرة المخدوعة وتوهمه أن حاسة الإبصار هي الحاسة الأولى وأن الملكات الأخرى لم يعد لها محل من الإعراب. كما تمارس الصورة هيمنة على المتلقي المنبهر وتمثل سلطة على المشاهد المستهلك السلبي لأن العلاقات الاجتماعية تتم من خلال الصور وصلة الحشد بنفسه تمر عبر نمط الإنتاج والعرض والطلب بالنسبة للسلع والماركات والعلامات التي يتبادلها ويهيم بها ويجد فيها سعادته. أليست الصورة هي النظرة المراقبة المتحكمة؟ وأليست هي السلسلة المقيدة التي تنوم العقل وتقيد السلوك؟ وألا تمتلك النظرة المحدقة  قوة مؤثرة في صورة الذات الخاصة بنفسها؟
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed