طباعة

مشكلة أطفال صغار بعقول كبيرة

Posted in استشارات


ولاء محمود مُدرِّسة بإحدى الحضانات تقول: إن أطفال اليوم يحتاجون لرعاية خاصة وأسلوب تعامل خاص؛ لأنهم تقريبًا يحصلون على كل المعلومات في وقتٍ قصيرٍ، وتقول إن السمة الأساسية لهؤلاء الأطفال أن عقلهم أكبر من سنهم، وتروي بعض القصص مما تمر به يوميًّا داخل الحضانة فتقول: أحد الأطفال عمره أربع سنوات كان كثير الكلام والحركة، فقالت له: "بتكلم صاحبك في إيه؟" فردَّ عليها قائلاً: "معلش أصلي بكلمه في موضوع خاص بيني وبينه"، وطفل آخر قامت بتقبيله فوجدته يغمز لها بعينه ثم قام وقبَّلها، أما هذا الطفل الذي يفتح قميصه دائمًا وعنَّفته كثيرًا لهذا حتى قال لها الطفل: "أنا بافتح القميص مثل أحمد السقا".

وتضيف تهاني فريد أم لطفلين قائلةً: قمتُُ بعقاب ابنتي على فعلٍ ارتكبته فوضعتها في الغرفة لمدةٍ من الوقت، وعندما خرجت وجدتها تبكي بشدة وترفع يدها للسماء وتدعو "حسبي الله ونعم الوكيل".

وتقول هبة خضير- أخصائي اجتماعي بأحد الأندية- أصبح الأطفال يقلدون الكبار في كل شيء؛ يلبسون مثلهم، ويتكلمون حديثهم، ويضعون السلاسل في أعناقهم، والأوشام على أجسادهم، ويمثلون ويغنون، فلم يتركوا شيئًا يُميزهم عن الكبار.. يُفكِّرون ويفعلون أشياءً تمحي عنهم صفة البراءة.

منظومة تربوية

الدكتورة زينب حسن- أستاذ أصول التربية بكلية البنات جامعة عين شمس- تُعبِّر عن أسفها الشديد لما آلت إليه أحوال الطفل، وتشير إلى أن المستوى الذي وصل إليه حال الأطفال اليوم يرجع إلى منظومةٍ اشترك فيها الإعلام والأسرة والمدرسة، فهي تؤكد أن انشغال الأم في وظيفتها والأب في كسب الرزق لسد احتياجات الأسرة جعل الذين يقومون على تربية الأطفال إما خادمة أو كبار السن، ولم تصبح الأم هي المسئول الأمين عن تربية الطفل؛ لأنها تترك الطفل إما أمام التلفاز أو الكمبيوتر ليكف عنها أسئلته ومطالبه.

ولهذا فهي تُحذِّر من غياب الأب وانشغال الأم؛ حيث لا توجد فرصة كافية للطفل لمتابعته؛ لأنهم ليسوا موجودين، فالآباء لم يتركوا رصيدًا لأطفالهم كي يعملوا لهم حسابًا في تصرفاتهم.

ومن ناحيةٍ أخرى فهي ترى أن ترك الآباء لأبنائهم فريسةً لوسائل الإعلام المختلفة لتعرض أعمالها الدرامية السيئة لينتقل الطفل من قناةٍ إلى قناةٍ يجعل الطفل في النهاية يحصل على خليطٍ من الكلمات والصور والمواقف التي تدخل في تشكيله.

ثم تطرح الدكتورة زينب حسن سؤالاً مُفاده لماذا نتساءل بعد هذا: أين ذهب الطفل البسيط البريء وقد قتل الكبار فيه هذه البراءة؟ والأهل يفرحون عندما تقبل المدرسة أبناءهم في سن مبكرة، وكلما قُبل الطفل صغيرًا زادت فرحتهم، فهم لا يعرفون أنهم يجنون عليه بذلك، وتشير في الوقت نفسه إلى أن هذا الطفل يُعامَل معاملةً غير طيبة وغير آدمية عندما يحمل في هذه السن حقيبةً ثقيلةً ويمتحن تحريريًّا، وأن إحساس الطفل بالمسئولية في غير وقتها يقتل فيه براءة الأطفال، وكل هذا- كما توضح الدكتورة زينب حسن- يخرج من الطفل في صورة اعتراض و"لماضة" وعنف مع أقرانه وتداول الألفاظ السيئة بينه وبين الرفاق، هذا إلى جانب أنَّ ما يتعرَّض له الكبار من حسرةٍ وألمٍ يسقطونها سواء بوعي أو غير وعي على هؤلاء الأطفال.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed