طباعة

الشائعات فى عصر المعلومات

Posted in المجتمع

cultureفى أثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها لاحظ عالما النفس ألبورت وبوستمان أهمية الشائعة والشائعة المضادة فى التأثير فى معنويات الناس وأفكارهم واتجاهاتهم ومشاعرهم وسلوكهم , ولاحظا أن الشائعات تنتشر أكثر فى وقت الأزمات وفى الظروف الضاغطة أو المثيرة للقلق وفى فترات التحول السياسى أو الإجتماعى , ووجدوا أيضا أنها تنتشر حين يكون هناك تعتيما إعلاميا أو غموضا فى المواقف أو كذبا معتادا على ألسنة المسئولين الحكوميين

 

أو تضليلا متعمدا ومعتادا عبر وسائل الإعلام المختلفة . وقد قاما بعمل الكثير من التجارب عام 1945 ثم كللا جهودهما العلمية بوضع كتاب سيكولوجية الشائعة Psychology of Rumor   , وفى هذا الكتاب وضعا معادلة انتشار الشائعة وهى تقول أن انتشار الشائعة يساوى أهمية الموضوع المتصل بالشائعة مضروبا فى مدى الغموض حوله . وبناءا على هذه المعادلة تصبح الشائعة أكثر انتشارا كلما كان الموضوع هاما وغموضه كبيرا , وعلى العكس لو فقد الموضوع أهميته أو كانت المعلومات حوله واضحة ومحددة أو بمعنى آخر لو أصبح أحد عناصر المعادلة صفرا فإن الناتج يكون صفرا وهو ما يعنى فشل الشائعة . وهذه المعادلة مفيدة جدا لصانعى الشائعات والشائعات المضادة ومفيدة لمواجهة أثر تلك الشائعات , ويعتمد عليها خبراء الشائعات فى العالم .

والشائعة ( كما وردت فى موسوعة علم النفس للدكتور عبدالقادر طه ) هى عبارة عن خبر أو قصة أوحدث يتناقله الناس بدون تمحيص أو تحقق من صحته , وغالبا ما يكون غير صحيح , أو يكون مبالغا فيه سواء بالتهويل أم بالتقليل . ومن الناحية النظرية كان من المتوقع أن تتراجع الشائعات مع هذا الإنتشار الرهيب لوسائل الإتصال حيث لم يبق هناك شيئا مخفيا , ولكن الواقع أن الشائعات تتزايد باستمرار , بل وتستفيد من وسائل الإتصال العادية والإلكترونية فى مزيد من الإنتشار , ويبدو أن هذا عائد إلى أحد عاملين أو كليهما : الأول : زيادة ميل الناس ( خاصة فى المواقع الهامة ) إلى تزييف الحقائق أو إخفاء أجزاء منها مما يزيد من ضبابية وغموض الأشياء رغم الإعلان عنها أو عن جزء منها , إضافة إلى ضعف المصداقية فى التصريحات والأخبار المعلنة وتناقضها مع الواقع , الثانى : رغبة الناس فى معرفة المزيد وانفتاح شهيتهم لارتياد مناطق مجهولة أكثر فأكثر , ونستطيع أن نمثل لذلك بتجربة بسيطة يمكننا أن نفجريها أو نتخيلها وذلك بأن نقف فى صحراء واسعة ومظلمة ليلا ونضئ مصباحا قوته 50 وات فبذلك نحصل على دائرة ضوء وليكن قطرها 100 متريحيط بها دائرة ظلام تتناسب مع هذا القطر , فإذا استخدمنا مصباحا قوته 100 وات حصلنا على دائرة ضوء أوسع تحيطها دائرة ظلام أوسع وهكذا , أى أنه كلما اتسعت دوائر المعرفة اتسعت معها دوائر المجهول , وإذا كانت المعلومات الواضحة الصادقة الشفافة تغلق الباب أمام الشائعات بخصوص موضوع معين إلا أنه يبقى موضوعات أخرى غامضة تستوفى حقها بالشائعات .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed