طباعة

مفهوم الدين بين الفكر الإسلامي والمسيحي

Posted in الثقافة

ولكن إذا تفحصنا الكلمة اليونانية التي تعني أيضا الدين فإن ترجمتها الحرفية هي الاستلهام والتكهُّن، عن طريق ممارسة الشعائر والمراقبة الدقيقة وهذه لا تعبر بصدق عن ما تحدث به المسيح بأن ملكوت السماوات لا يأتي عن طريق التكهن، ولا عن طريق الطقوس الكلاسيكية إن ملكوت السماوات يتحقق بتحرر الإنسان من الداخل من القلب من الشعور وليس بالمظاهر الخارجية 10.

والشائع في الفكر المسيحي أن كلمة religion تعني علاقة متينة بين النفس الإنسانية والذات الإلهية المقدسة، ولكن علاقة كهذه تعد ثابتة كالطريق أو الطريقة غير خاضعة للتغيير أو التطور11.

إلى جانب هذا التعريف المسيحي للدين الذي اقتصر على تعريف الدين حسب النظرة المسيحية، هناك تعريفات أتى بها الفلاسفة الغربيون، وهي مع وفرتها أكثر من أن تحصى، ومع اختلافها وتباينها فإنها في دراستها للأديان كانت تتخذ من المسيحية نموذجا للحديث سواء ما جاءت في صورة مدح للدين أو انتقاص من شأنه؛ لذلك لا تعدو أن تكون ضمن المعنى المسيحي للدين لا يجد ماكسيم رودنسون Maxime Rodinson حرجا من الاعتراف بذلك بقوله بأن الغربيين ميالون بطبعهم إلى الحكم على جميع الأديان بحسب النموذج الذي اعتادوا على استعماله، وهو النموذج المسيحي12.

ولتوضيح ذلك نورد بعض التعريفات، عرف سبنسر الديانة بأنها نوع من الإحساس يجعلنا نشعر بأننا نسبح في بحر من الأسرار. أما فيورباخ Feurbach فقد رد الدين إلى غريزة تدفعنا نحو السعادة. وكان برغسون يرى في الديانة نوعا من رد الفعل، أو الهجوم المعاكس، تقوم به الطبيعة ضد ما قد يتأتى عن استعمال العقل من انحطاط في الفرد وتفكُّك في المجتمع13.

أما باسستيد فقد حاول أن يوسِّع من دائرة الدين حيث بدأ مسيرته الفكرية بدراسة مشاكل الحياة الصوفية 1931، وعناصر علم الاجتماع الديني 1935 فالدين هو أولا نشاط رمزي يتميز بأسلوب خاص به، ويحمل بُعدًا عاطفيًّا. إنه نشاط رمزي ليس مراده فقط أداء شعائر وتزكية عقائد بل أن يفهم بشكل عام، وكأنه نشاط ثقافي تام يتكلم عدة لغات14.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed