طباعة

مفهوم الدين بين الفكر الإسلامي والمسيحي

Posted in الثقافة

تأكيدا لما سبق ذكره فإن كلمة الدين بكل معانيها أصيلة في اللغة العربية، وإن ما ادَّعاه بعض المستشرقين من أنها دخيلة معربة عن العبرية أو الفارسية لا يعد صحيحا.

مع أن هذه التحليلات الاشتقاقية كلها تصبُّ في نفس الاتجاه، وتقرُّ بأصالة المعنى في اللغة لكنها لا تشفي غليلنا في معرفةٍ حقيقية لماهيَّة الدين كما هي في عرف المتدينين، فالبَوْن مازال شاسعا برأي الدكتور عبد الله دراز بين المعنى اللغوي، والمعنى العرفي ذلك أنه ليس كل خضوع وانقياد يسمَّى في العرف تدينا، فخضوع العبد لسيده وطاعة الابن لأبيه وإكبار الخادم لمسئوله لا يجسِّد بأي معنى الدين الذي نعنيه، كما أنه ليس كل اتجاه أو مذهب يسمى دينا.

الدين.. اصطلاحًا

فإذا كان هذا شأن الدين في اللغة، فكيف يكون حاله في اصطلاح الفكر الإسلامي؟

ثمَّة ملاحظة جديرة بالتذكير، وهي أن الفكر الإسلامي ليس هو الإسلام المثل بالمثل، بل هو ما أبدعته العقلية الإسلامية في محاولتها لإسقاط الإسلام على الواقع وتطبيقه، فهو بذلك محكوم بالأطر الزمانية والمكانية.

فالفكر الإسلامي هو اجتهاد عقلي في فهم النصوص قد يخطئ ويصيب فهو غير معصوم في ذلك كله، الفرق بين الإسلام وبين الفكر الإسلامي هو الفرق بين ما ينسب إلى الله وما ينسب للإنسان، والعلاقة بينهما هي علاقة بين طرفين أحدهما قام على الآخر واعتمد عليه، ولكن لا على أن يكون مطابقا له تمام التطابق4.

جاء في تعريف إخوان الصفا أن الدين (هو شيئان اثنان أحدهما الأصل وملاك الأمر، وهو الاعتقاد في الضمير والسر. والآخر هو الفرع المبني عليه القول والعمل في الجهر والإعلان)5.

لقد أوضح الجرجاني -بشكل جلي- الفرق بين الدين والملة فهما عنده متحدان بالذات، ومختلفان بالاعتبار، فإن الشريعة من حيث إنها تُطاع تسمى دينا، ومن حيث إنها تُجمع تسمى ملة، ومن حيث إنها يُرجع إليها تسمى مذهبا. وقيل الفرق بين الملة والدين والمذهب: أن الدين منسوب إلى الله تعالى والملة منسوبة إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمذهب منسوب إلى المجتهد6.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed