البوابة
أزمة منتصف العمر عند الرجل
وهذه الأزمة تحدث تقريباً بين الأربعين والخمسين من العمر ، وقد تحدث قبل ذلك أو بعد ذلك في بعض الرجال ، فوقتها ليس محدد تماماً ، وفي هذه الأزمة يقف الرجل ويجري عملية محاسبة لنفسه عن ماضيه وحاضره ومستقبله ، وقد تبدو له سنوات عمره الماضية وكأنها كابوس ثقيل ، فهو غير راض عما تحقق فيها ، ويشعر أنه فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أحلامه على كل المستويات وأنه كان يجري وراء سراب ، وبحسابات الحاضر هو أيضاً خاسر ، لأنه ضيع عمره هباءاً ولم يعد يملك شيئاً ذا قيمة فقد أنهكت قواه وذهب شبابه وضحى بفرص كثيرة من أجل استقرار أسرته ، ومع هذا لا يقدر أحد تضحياته ، ولذلك يشعر بأن الأرض تهتز تحت قدميه . حتى المبادئ والقيم التي عاش يعلي من قيمتها أصبحت تبدو الآن شيئاً باهتاً ، فلم يعد يرى لها نفس القيمة ، ولم يعد متحمساً لشيء ولا مهتماً بأي شيء ذي قيمة في المستقبل فقد خارت قواه وانطفأ حماسه واكتشف أن الناس لا يستحقون التضحية من أجلهم ، وأن المبادئ التي عاش لها لم يعد لها قيمة في هذه الحياة ، وأن رفاق الطريق قد تغيروا وأصبحوا يبحثون عن مصالحهم ومكاسبهم بأي شكل وتخلوا عن كل مبادئهم وشعاراتهم التي رفعوها إبان فترة شبابهم ، ولم يعد يخفف عنه آلام هذه المشاعر غير الوقوف بخشوع في الصلاة وقراءة القرآن .
أحياناً يشعر الرجل أنه يريد أن يبدأ صفحة جديدة من حياته ، ولكن ذلك يستلزم الابتعاد عن الزوجة والأولاد والتحرر من قيودهم ، وبالفعل بدأ يتغيب كثيراً عن المنزل ويرتبط بمجموعة من الأصدقاء الجدد الأصغر سناً فتحوا أمامه أبواباً متعددة للمتعة وقضاء الأوقات ، وقد أحس معهم ( ومعهن ) أن شبابه قد عاد ، وبدأ يهتم بنفسه ، ويبالغ في ذلك الاهتمام حتى اتهمته زوجته في يوم من الأيام بأنه متصابي . نعم هو يشعر أنه يعود مراهقاً من جديد ، ويفرح أحياناً بهذا الشعور ، ولكنه يفزع حين يشعر أن الأمر ربما يخرج عن سيطرته ، فقد أصبح ضعيفاً أمام الجنس الآخر أكثر من ذي قبل وأصبح يتمنى أشياءاً لا تناسب سنه ، إنه يشعر أنه ظمآن وضعيف أمام أي قطرة ماء تلوح له في الأفق خاصة وأن الساقي الأصلي ( الزوجة ) أصبحت تضن عليه بقطرة الود والحنان ، ولولا بقية من دين وحياء لسقط في كثير من الاختبارات والإغراءات التي يمر بها كل يوم .