ماهية العلاقة الجدلية بين الوطن والمواطن والمواطنة!
وفي ضوء هذا التوصيف يستطيع المواطن أن يمارسة دوره الرقابي الذاتي لحماية الوطن، أي القيام بدور الرقيب في المحافظة على النظام وحماية مؤسسات الدولة وتنفيذ القانون، بالاضافة الى المهام الاخرى الملقاة على عاتقه كمواطن يشعر "بالامان" والاطمأنان على كيانه الشخصي والفكري، حيث يتجسد هذا الدور بشكل أساسي في الالتزام بالتشريعات ورصد المخالفات القانونية، مثل تعاطي الرشا و الضرر المتعمد بممتلكات الدولة وعدم تطبيق النظام أوالاساءة اليه ... وكما يفعل المواطن الياباني على سبيل المثال حين يرى أحداً يرمي اعقاب السيكارة في الأرض بدلاً من أن يضعها في حاوية القمامة المخصصة لهذا الغرض ... حيث يروي أحد الاصدقاء بأنه كان ذات مرة يسير في شوارع طوكيو عاصمة اليابان، فقام بالقاء عقب السيكارة في الارض بعد أن تأكد له خلو المكان من المارة، واذا به يرى امرأة مسنة تنظر اليه عن بعد بإزدراء شديد، وحينها تمنى لو أن الارض انشقت وابلعته في تلك اللحظة خير من أن يرى تلك النظرات الثاقبة المعبرة ... وفي حادثة اخرى في اليابان ايضاً يروي احد الزملاء قائلاً: حين تعرضت اليابان للهزات الارضية، والتي ادت الى تدمير الكثير من المحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية، دعت الحكومة اليابانية مواطنيها الى الترشيد في استهلاك الطاقة، وعملت برمجة لقطع التيار الكهربائي عن عدد من المدن والاحياء السكنية لعدة ساعة في الليل، فالتزم الجميع بهذه التعليمات التزاما منقطع النظير، رغم ان الكهرباء كانت كافية وليس هناك ربما حاجة الى الترشيد، وحين سألنا اليابانيين عن سر التزامهم بهذه التعليمات، قالوا بأنهم مستعدون أن يموتوا في تلك الليالي لكي تحيا اليابان في صباح اليوم التالي ... وهكذا حين تحصل حادثة اصطدام في تقاطع احدى الشوارع القريبة من الاحياء السكنية في برلين، ويصل رجل المرور ليكتب تقريره عن الحادث، فتأتي امرأة مسنة تسكن في الطابق العلوي لتوري له كيف حصل الاصطدام حين كانت تنظر وهي جالسة في شرفة الشقة المطلة على مكان الحادث، فيأخذ الشرطي باقوال تلك المرأة، التي دفعها الشعور بالمسؤلية تجاه المحافظة على النظام في وطنها.