طباعة

المسئولية الدينية لمريض الوسواس القهرى

Posted in إرشادات

يقول النووى : وظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها من غير استدلال ولا نظر فى إبطالها , فكأنه لما كان أمرا طارئا بغير أصل دفع بغير نظر فى دليل إذ لا أصل له ينظر فيه , وأما قوله : فليستعذ بالله ولينته , فمعناه : إذا عرض له هذا الوسواس فليلجأ إلى الله تعالى فى دفع شره عنه وليعرض عن الفكر فى ذلك , وليبادر إلى قطعه بالإشتغال بغيره (انتهى كلام النووى) .

وهنا ينبغى التنويه إلى أن دور الشيطان فى الوسواس يقتصر على إلقاء الفكرة إلى الموسوس له كما فى قوله تعالى : " وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم" (الأنفال 48) , فلو صادفت الفكرة إنسانا سليم الفكر فسوف يتجاهل عقله الفكرة ويطردها بعد الإستعاذة بالله والإستغفار والإنتهاء , أما إذا صادفت إنسانا مريضا فسوف تتضخم وتتكرر وتتسلط وتستحوذ على العقل ( محمد شريف سالم : الوسواس القهرى , فولكانو للطباعة , الإسكندرية) .

وروى مسلم عن عبد الله قال : سئل رسول الله عن الوسوسة قال : "تلك صريح الإيمان" (أى كراهية الأفكار الوسواسية والشعور بالألم بسببها دليل على الإيمان بالله تعالى , فالملحد لا يتألم لإنكار الله أو سبه بل يستمتع بذلك ويتباهى به ) .

وروى الإمام أحمد بسنده إلى ابن عباس رضى الله عنهما قال : "جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنى لأحدث نفسى بالشئ لإن أخر من السماء أحب إلى من أن أتكلم به . قال : الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذى رد كيده إلى الوسوسة " ( ورواه أيضا أبو داوود والنسائى , والحديث صحيح) . وفى صحيح مسلم بشرح النووى باب : "بيان الوسوسة فى الإيمان وما يقوله من وجدها فيه" , عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : جاء ناس من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فسألوه : إنا نجد فى أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به . قال : وقد وجدتموه ؟ قالوا : نعم , قال : "ذاك صريح الإيمان " , وفى الرواية الأخرى :  سئل النبى صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة قال : "تلك محض الإيمان " . فقوله صلى الله عليه وسلم : ذاك صريح الإيمان , ومحض الإيمان معناه استعظامهم الكلام به هو صريح الإيمان , فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك . وقيل معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن يئس من إغوائه , فينكد عليه بالوسوسة .

وتأتى مسألة أخرى يعانى منها نسبة من الموسوسين , وهى الخوف الشديد من التلفظ بالطلاق بشكل صريح أو بالتلميح , والرعب الهائل من أن يكون الطلاق قد حدث بسبب ذلك , وهنا لا يكف الوسواسى عن سؤال من حوله : هل وقع منى الطلاق أم لا ؟ وتفشل كل المحاولات لإقناعه بأن الطلاق لم يقع , ويظل يتنقل من شخص إلى شخص فى أسرته يسأله ثم ينتقل إلى علماء الدين يلح عليهم فى السؤال حتى يضيقوا به وبإلحاحه فينهروه أو ينصحوه بالذهاب لطبيب نفسى . عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : "إن الله تجاوز عن أمتى ما حدثت به أنفسها مالم تعمل به أو تكلم " . وهذا الحديث رواه البخارى (5269) فى كتاب الطلاق , باب الطلاق فى الإغلاق , ومسلم (127) فى كتاب الإيمان , باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر , وأبو داوود (2209) فى كتاب الطلاق (باب فى الوسوسة بالطلاق) , والترمذى( 01183) فى كتاب الطلاق (باب ما جاء فيمن يحدث نفسه بطلاق امرأته ) , وابن ماجه (2044) فى كتاب الطلاق (باب طلاق المكره والناسى) . وقال الصنعانى فى كتابه "سبل السلام فى شرح بلوغ المرام" : والحديث دليل على أنه لا يقع الطلاق بحديث النفس , وهو قول الجمهور , وأن الله تعالى لا يؤاخذ الأمة بحديث نفسها وأنه "لايكلف الله نفسا إلا وسعها" , وحديث النفس يخرج عن الوسع , والحديث دليل على أن الأحكام الأخروية من العقاب معفوة عن الأمة المحمدية إذا صدرت عن خطأ أو  نسيان أو إكراه , وطلاق المكره لا يقع عند الجمهور ,

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed