الإثنين, 27 آب/أغسطس 2012 16:19

أسعد امرأة في بيت ألطف رجل

كتبه  رضى الحمراني
قييم هذا الموضوع
(1 تصويت)
happy-family

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خُلقت من ضلع، وإنَّ أعوج شيء في الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لا يزل أعوج، استوصوا بالنساء خيراً» رواه البخاري ومسلم. إن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال في هذا الحديث «..النساء خلقن من ضلع أعوج..»، لم يكن يقصد الانتقاص من قدرهنَّ بل العكس هو الصحيح،

 

فهو يريد أن يثير انتباه الرجل ليتعرّف على الطبيعة النفسية للمرأة، فالضلع لا يمكن أن يكون أعوجاً إلا إذا كان مائلاً، وهذا يعني بأن المرأة تميل إلى استعمال العاطفة أكثر من ميلها إلى استخدام العقل، عكس الرجل الذي يغلب عليه العقل وتضعف فيه العاطفة، لذلك لا يليق بك يا ابن آدم حسب هذا الحديث النظر للميل العاطفي لبنت حواء على أنه عيب فيها بل هو ميزة حسنة، وخير دليل على ذلك هو مثال القوس والسهم و لله المثل الأعلى، فالقوس أعوج والسهم مستقيم ولولا اعوجاج القوس لما انطلق السهم ليصيب هدفه، فالمرأة هي القوس والرجل هو السهم، ولولا المرأة لما تفوَّق الرجل، فوراء كل رجل عظيم امرأة.
إذن، بعد أن تعرفت يا أيها الزوج الصالح على الطبيعة النفسية لزوجتك، تبقى الأسئلة المطروحة عليك هي : كيف تهتدي للنجاح في التجاوب العاطفي مع توأم روحك؟ وكيف تتمكن من حسن إدارة مشاعر الخوف والقلق التي تنتابها أحياناً؟ وكيف تستطيع بين الفينة والأخرى إمتاعها بروح مرحك وخفة ظلك لتُنسيها تعب المسؤوليات اليومية التي تتحملها بكل أريحية؟

1. التجاوب العاطفي للرجل مع زوجته
يتواجد مركز القدرة على الكلام عند الرجل في نصف دماغه الأيسر، فهو يستخدم كفاءاته اللغوية ليَذْكُرَ الأحداث وليُقدِّم المعلومات وليروي التجارب والخبرات...إلخ، فالكلام بالنسبة له هو وسيلة للتواصل، لذلك لا تستغربي يا أيتها الزوجة الصالحة إن لم يَقُلْ لكي زوجك كلمة «أُحِبُّكِ» إلا ناذراً، فهذا لا يعني أن عواطفه تجاهك قد ضعفت أو أُصِيبت بالفتور، بل بالعكس إنه يشعر دائماً بالحب تجاهك، بل قد أُفاجِئُكِ حين أقول أن حبه لكي يكبر يوماً بعد يوم، لاهتمامك به ولطلعتك البهية عند لقائه ولأنك تُعِدِّينَ طعامه وتعتنين بلباسه وهندامه و تسهرين على تربية أبنائه، وتأكدي أن كل هذه الجهود الكريمة سيُحوِّلها الله جل علاه إلى محبة تنمو في قلب زوجك والدليل قوله تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا » (الكهف:30)، ولكن مشكلة رفيق دربك فقط أنه لا يُعبِّر عن نمو عواطفه تجاهك ولا يشكر تفانيك في خدمته، هذا كل ما في الأمر.
بالنسبة لزوجك فقد صَرَّحَ لكي يا أيتها الزوجة الصالحة بحبه في البداية، أي في فترة الخطوبة وأَكَّدَ لكي حُبَّهُ عبر الزواج منك منذ سنين عديدة وهذا يكفيه، لقد قال كلمته، و قد أعطاك المعلومات اللازمة وتأكد بأنك تلقيت رسالته وأحسست بصدقها، فلا داعي في نظره لإعادة ذكر ذلك أمامك كل يوم، فهو يعتقد بأن قول كلمة أحبك يعد نوعاً من التكرار الذي قد يُشعِرُكِ بالملل.



إن توأم روحك يفعل ذلك ببراءة ودون نِيَّة سيئة، لكنه يجهل بأن المرأة تحتاج دائماً وأبداً للتأكد بين الفينة والأخرى من استمرار حب زوجها لها، لهذا تطرح عليه السؤال الأبدي « هل تحبني؟ǃ » أو « هل لازلت تحبني ؟ǃ » حينها يكون رد فعل الرجل هو الاستغراب، وقد يُحدِّثُ نفسه بصوت خافت قائلا : (هل تَسخر مني هذه المرأة ؟ǃ لقد قلت لها سابقاً أني أحبها، وهي تعلم ذلك جيداً وهي لازالت تسألني لحد الآن هل أحبها ؟!)، فيقرر إما أن لا يجيبها ويَلُوذُ بالصمت وهذا عُنْفٌ مُقَنَّعْ، أو إذا تصرف بشكل أكثر لباقة فإنه يُغَيِّرُ الموضوع قائلا : (ألا تَذْكُرِين أنك طَلبْتِ مني أن نخرج لشراء بعض الأغراض ففي أي وقت تفضلين أن أصحبك لشرائها ؟).
إن الزوج حين يلجأ لأسلوب المراوغة لتفادي الجواب عن أسئلة زوجته التي تبدو له سخيفة، فهو في الحقيقة يحرمها من إرواء نفسيتها المتعطشة لسماع الكلام المعسول، فقلبها لا يشبع منه ولو بلغ عمرها تسعين سنة، ففؤادها يبقى شاباً غظاً طرياً، والذكي من الرجال هو الذي يترقَّبُ ويتحيَّن فرصة طرح زوجته لهذا السؤال (هل تحبني؟)، ليغرقها في بحر شاعريته ويُمتِّعها بسحر كلامه، فالمرأة تحتاج لسماع الكلمات العاطفية الرقيقة من زوجها أكثر من حاجتها لتلبية متطلباتها المادية. إن صمتك يا أيها الزوج المخلص، و رفضك الجواب عن سؤال زوجتك هل تحبني؟ سيكون مادة دسمة تغدي وتنمي الشكوك في نفسها، و تُشعل نار الغيرة في قلبها و حينها ستطرح عليك أسئلة أكثر صرامة : هل تحدثت مع إحداهن في العمل ؟ لماذا أراك فرحاً نشيطاً هذا اليوم هل أثارتك إحداهن بجمالها؟ فاللبيب من الرجال لا يترك زوجته تصل إلى هذا الحد من الاستياء.
إن المرأة حين تطرح هذه الأسئلة عليك أيها الزوج، فذلك لا يعني أنها أصبحت مثل رجل الشرطة تمارس عليك نوعاً من التحقيق الأمني، بل هي بكل بساطة تغار عليك، فما أسعدك من رجل يا أيها الزوج الصالح ومن مثلك في الدنيا تنعم بغيرة زوجتك، فهي علامة على أن الحب الذي تُكنُّه لك يحمل ميزة حسن جداً، وهو تاج فوق رأسك لا يراه إلا الأزواج الذين حُرموا من حب زوجاتهم، لأن بعض النساء تغلب عليهن أنانيتهن و يبخلن عن بدل الحب لأزواجهن، فليس كل رجل متزوج محبوب بالضرورة من طرف زوجته، التي لا يَهُمُّها إلا سهره على توفير متطلباتها المادية.
ستكون عبقرياً يا أيها الزوج حين تعبر زوجتك بتوجس عن غيرتها عليك وتجيبها دون انفعال أو غضب، بل بابتهاج وغبطة قائلا : (أنا لا أستحق كل هذا الحب، تغارين علي رغم أنني مُقصر في حقك، ما أجملك من زوجة وكم أنا محظوظ ليس في الدنيا رجل أسعد مني بك يا نور عيوني...)، وبعد نجاحك في التقرب إلى حبيبتك الغالية بالكلام المعسول، تأكد يا عزيزي الزوج باليقين الكامل بأنك تربعت على عرش قلب زوجتك.

2. فن التعامل مع خوف وقلق المرأة
إن المرأة حين تتزوج يقل اهتمامها بذاتها وتزداد عنايتها بزوجها و أولادها، فإن عَلِمت بأن زوجها سيعقد لقاء مهماً في الصباح فهي تشعر بالتوتر طيلة اليوم، وقد تفقد شهية الطعام وكأنها هي من سيجري اللقاء، لذلك فهي تغضب إذا لم يكلمها زوجها في الهاتف أثناء العمل ليظهر لها اهتمامه بها كما تفكر فيه هي الأخرى طيلة الوقت، كما تلومه إذا دخل للبيت ولم يسألها عن أحوالها ويجدد اعترافه لها بأنها هي حبه الكبير.
إن قدرة المرأة على التعاطف الوجداني مع الآخرين تزداد حين تعيش تجربة الأمومة، فهي تشعر بخوف شديد عندما تصحب أحد أطفالها لإجراء حقنة التلقيح ضد الأمراض الفتاكة، أو حين يكبر أحد أبنائها ويذهب للمدرسة تضطرب نفسيتها إذا اقترب موعد الامتحانات وكأنها هي من سيمتحن، ولن تنسى في المساء أن تسأل ابنها عن امتحانه ماذا فعل فيه، وتتأكد من زوجها هل أجرى اللقاء المهم بخير، باختصار تفكر المرأة بقلق شديد في كل تفاصيل الأمور الشخصية لأفراد أسرتها الصغيرة.



إن تعدد الهموم و المشاغل الأسرية تنهك نفسية المرأة أحياناً، وعندما يزداد الضغط عليها ويشتد لتزامن أحداث مهمة في نفس الوقت، تفقد السيطرة على أعصابها وتُقسم بأنها لن تهتم بشيء بعد اليوم، وتقول (تدبروا أموركم بأنفسكم، فمن اليوم فصاعداً لن أهتم إلا بنفسي،... فما دخلي أنا باللقاء المهم لزوجي، وإن رسب ابني في الامتحان فسيعيد السنة وما شأني أنا)، وقد يدوم عدم اكتراثها وتستمر قطيعتها مع أفراد أسرتها ليوم أو يومين على أبعد تقدير، لكنها سرعان ما تستعيد نشاطها وحيويتها بعد هذه الاستراحة القصيرة لتباشر مهامها من جديد.

 

 

إن من مظاهر عظمة المرأة أنها لا تكتفي بالاهتمام المُركَّز بأفراد أسرتها، بل هي مفطورة أيضا على الخوف الشديد عليهم، فهي تفكر في الأسوء حين يتأخر أبنائها عن العودة للمنزل، ولا يهنأ لها بل حتى يتصل بها زوجها ليبلغها بوصوله بخير إلى المكان الذي يقصده في سفره، فلماذا يا ترى تقلق النساء أكثر من الرجال؟
إن المرأة من الناحية النفسية تتميز باستعدادها الدائم لترقب الأخطار واستشعارها، فيمكن لأدنى تفصيل غريب أو غير عادي أن يحرك هواجسها، لذلك ليس من المستغرب أن تقلق أكثر من الرجل، زد على ذلك أن النشاط الانفعالي في الجهاز العصبي للمرأة يكون حيويا على الدوام، سواء في حالة شعورها بالقلق و الضغينة أو في حالة تمتعها بالارتخاء والطمأنينة، فإن لم يكن لدماغها شاغل يشغله فإنه يشرد وينتقل من موضوع لآخر، وتتراكم الأحداث ومشاعر القلق لتشكل لدى المرأة شبكة ضخمة من الكرب والضغط النفسي، لذلك ينتاب ربة البيت بين الفينة والأخرى نوبات من الهلع والخوف الشديد والغير المبرر، يتفاجئ منها الزوج وقد تشغل باله في حالة تكرارها إلى حد يجعله يفكر في مصاحبتها إلى أخصائي نفسي ظناً منه أنها تعاني من بعض الاضطرابات النفسية، وهي في الواقع حالة طبيعية تستدعي منه أن يكون أكثر قرباً من توأم روحه، ليساعدها بحضوره العاطفي وكلماته الرقيقة المهدئة على تجاوز هذه الحالة العابرة بنجاح.

3. روائع الصفات في أخلاق النساء
إن اللبيب من الرجال هو الذي يجالس زوجته ويُسمعها بعض المستملحات، التي تدخل على قلبها نوع من المرح والسرور و تنسيها تعب المسؤوليات اليومية، ومن المواضيع التي يمكن أن يثيرها أثناء مجالستها نذكر صفات المرأة العاقلة والطائشة، التي يمكن أن يتناولها الزوج مع زوجته بطريقة مَرِحة ومن باب الطرفة والنكتة، لا من باب السخرية والاستخفاف بهذه الإنسانة التي أعزها الله وكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صفات المرأة العاقلة : رأيها حكيم وخلقها قويم وزوجها وسيم، بيتها منظوم وولدها مشرق كالنجوم من كثرت عنايتها به، إذا ضحكت تبسمت وإذا خالطت الناس استحيت وتأدبت، إذا تحدثت ألانت الكلام لتسلب العقول وتسحر القلوب، لها عقل وافر وخلق طاهر وجمال بالعفة ظاهر، ريحها عند لقاء زوجها أريج، و وجهها المنشرح في عينه بهيج، إذا جالسته متعته بالدنيا و ذَكَّرته بالآخرة، إذا كثر ماله تراها حامدة لله شاكرة غير متكبرة ولا متعجرفة، وإذا قلَّ رزقه تراها صابرة محتسبة.
صفات المرأة الطائشة : عقلها معلول و بيتها مزبول و وزوجها مهبول وولدها مهزول، إذا ضحكت قهقهت وإذا تحدثت أشارت بالأصابع وبكت في مجامع النسوة وهي الظالمة، كثيرة الاهتمام بالناس قليلة الالتجاء إلى رب الناس، بادية في حجابها متبرجة في لباسها، تشهد بالزور و دموعها تسيل بالفجور، لا تعين زوجها على الزمان بل تعين الزمان على زوجها، إذا كثر رزقه انشرحت وطربت وإذا قل ماله ذهب سلطانه في عينها، ولا يتوقف كرمها لصاحبها عند هذا الحد، بل يزداد جودها و كرمها لزوجها حين تدفن حسناته وتفشي في مجالس النساء سيئاته، وإذا دخل خرجت وإذا خرج دخلت وإذا ضحك بكت وإذا حزن ابتهجت، نفسها كثيرة الانفعال و الغضب ولسانها كثير الشكوى والضجر، إذا جالست زوجها فلا هي متعته بأنسها في عشرتهما الدنيوية و لا هي تركته يتقرب لله بالطاعات للفوز بالنعيم المقيم في الآخرة.



ورحيق الختام في معرض الحديث عن الأسرار النفسية للسعادة الزوجية، أن أفضل رجل في الدنيا هو الحريص على حسن معاشرة زوجته و أبنائه بشهادة الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي »، ففي هذا الكلام النبوي النفيس تتجلى عظمة أخلاق الإسلام حين تخالط نفحاتها سلوك الرجل و تؤثر في تصرفاته، لتجعله ودوداً رؤوفاً و رحيماً بزوجة و أبنائه، و هو سلوك لا يعبِّرُ عن ضعف في الشخصية كما يعتقد بعض المخطئين من الرجال بل هو من أفضل الأعمال عند الله جل علاه، التي جعلها سبحانه سبباً في تسهيل أمور الصالحين من الأزواج و بها تقضى مصالحهم و عبرها تتحسن ظروفهم المادية و أحوالهم النفسية.
أما إهمال البيوت وتضييع الزوجات والأولاد والتعامل معهم بالكلام القبيح والقلب الغليظ والسلوك المهين، بدعوى فرض الاحترام عليهم و الظهور بمظهر الهيبة والوقار في أعينهم، فهي فكرة شيطانية يقع تحت تأثيرها كثيراً من الرجال، فترى أحدهم إذا لقي أهله كان أسوأ الناس أخلاقاً وأفحشهم كلاماً وأقلهم إحساناً، وإذا لقي غير أهله من الأجانب انشرح صدره وتهلل وجهه و ثر بشره، ولا شك أن من كان كذلك فهو محروم من ولوج أبواب التيسير زائغ عن سبل النجاح والتوفيق في أموره الدنيوية و الأخروية، نسأل الله العفو و العافية من هذه الحالة المتردية، و نرجو منه سبحانه نحن معشر الرجال أن يهدينا إلى التحلي بأجمل أخلاق القرآن و إلى الاقتداء بأحسن تصرفات نبينا العدنان في حسن معاشرة زوجاتنا تواءم أرواحنا.

 


المراجع :
1- د سعد الدين العثماني، قضية المرأة و نفسية الاستبداد، طوب بريس، الطبعة الثانية، الرباط – المغرب، 1425 هـ / 2004 م.
2- د فريد الأنصاري، سيمياء المرأة في الإسلام، طوب بريس، الطبعة الأولى، الرباط – المغرب، 1424 هـ / 2003 م.
3- أبي محمد بن حزم ، طوق الحمامة في الألفة والألاّف ، دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولى، بيروت – لبنان 1413 هـ / 1992 م.
4 –ELLEN WILLER, « Les hommes, les Femmes, etc. », Edition Marabout, Paris – France 2001.

 

المصدر : www.elazayem.com

إقرأ 9720 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 25 أيلول/سبتمبر 2012 08:32
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed