طباعة

هوس الشاشة وعشق الصور ووعود التجميل

Posted in المجتمع

وهناك فئة أخرى من المرضى لديهم ما نسميه بالضلالات , وهى أفكار خاطئة يعتقدها المريض اعتقادا جازما ولا تتغير بالمناقشة أو الإقناع , وهنا قد يعتقد المريض أن شفتيه غليظتين لأنه ورثهما من علاقة غير شرعية لأمه بشخص إفريقى أو أن وجهه وجه قرد أو أن عضوا فى جسده غريب عليه ويريد أن يتخلص منه أو يستبدله بعضو أفضل , وهذا يحدث فى حالات الفصام أو حالات الإضطراب الهذائى , وهى اضطرابات نفسية شديدة تحتاج لعلاج متخصص على المستويين الدوائى والنفسى .

وبالطبع نحن حين نتعامل مع هؤلاء المرضى فى العيادات النفسية فإننا نعمد مباشرة إلى الصورة الداخلية ونرى كيف تكونت ومن الذى غذاها بمعلومات جعلها تبدو هكذا , أى أننا بلغة الكومبيوتر نحاول أن نرى الفيروس الذى غير البرمجة وقلب الحقائق , وقد يكون هذا الفيروس والدة  شديدة الإنشغال على شكل ابنها وشديدة التدقيق فى ملامحه والقلق على أى شئ يشوب هذه الملامح , أو يكون الفيروس لوما وتقريعا وانتقادا تعرض له الشخص ممن قاموا على تربيته فى مراحل مبكرة من عمره , أو يكون محتوى نفسيا مرفوضا أخلاقيا واجتماعيا فيظهر على السطح فى صورة شكل مرفوض اجتماعيا , أى أن التشوه هنا تشوها داخليا وليس خارجيا ولكن الشخص لا يتحمل وعيه الإعتراف بالتشوه الداخلى الذى يصيبه فى مقتل فيستبدله -بلا وعى - بتشوه خارجى "مقدورعليه" .

ومن أكثر الشخصيات طلبا لعمليات التجميل الشخصية الهستيرية والشخصية النرجسية , فالأولى تعلى كثيرا من قيمة الشكل الخارجى وتريد من خلاله أن تجذب الإنتباه وتصبح محل الإهتمام ومصدر الإبهار لمن حولها , وهى شسخصية سطحية استعراضية درامية , خادعة ومخدوعة , وباردة عاطفيا وجنسيا وكل ثروتها تكمن فى الإبهار الخارجى وتحقيق أعلى قدر من الجاذبية , والثانية (أى النرجسية) يتركز اهتمامها بشكل كبير حول ذاتها وترى أن هذه الذات منفردة ومتفردة ولاى شئ يعلو عليها لذلك تولى هذه الذات المتضخمة كل الرعاية حتى تجعلها فى الصورة الأفضل دائما فلا يكون هناك أجمل منها فالدافع هنا هو الإحساس بالأهمية الخاصة وبالتفرد والتميز , ولهذا تجد الشخص النرجسى شديد الإهتمام بتفاصيل صحته وشياكته ومظهره لأنه شديد الإهتمام والإنبهار بذاته المتضخمة , وهو يفعل كل ما يجعله جديرا بالنجومية والتألق.

ومادام هناك أناس مهووسين بالصورة وبالشكل فتلقائيا تتطور الخدمة وتتشكل لتحقق احتياجاتهم وبل وتشعل هذه الإحتياجات أكثر بما تقدمه من وعود وما تحققه من إنجازات , ولهذا وجدنا مراكز التجميل المرخصة وغير المرخصة , وصالات الجمنيزيوم فى كل مكان تعد بالوجه الجميل والملامح العذبة الخالية من أى عيوب , وكانت النتيجة فتيات رشيقات أنيقات وشباب يفخر بتكوين جسمه العضلى من خلال مشيته منفوخ العضلات وملابسه الضيقة التى تبرز ذلك لمن لم ينتبه . وهكذا استحوذت الصورة على ال"الكادر" بالكامل , وكلما أراد أحد أن ينبه الناس بأن الله لا ينظر إلى صورهم ولا إلى أجسادهم وإنما ينظر إلى قلوبهم لم يجد آذانا صاغية , فليس هناك صوت وإنما صورة وفقط .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed