طباعة

هل يتفلسف الأطفال !؟

Posted in الثقافة

وهذا يعني أن تكون هناك أسئلة من غير إجابات محددة ونهائية عنها. وبالتالي فإن شخصيات النص يمكن أن تأخذ صورة عقلانية للسلوك الإنساني، حيث لا يكون هناك أي قطيعة عنيفة في دائرة الحوار في داخل النص. ومن الضرورة بمكن الإشارة في هذا السياق إلى أن الكتب المدرسية تحمل كثيرا من النصوص المجانسة لهذه التي نتحدث عنها، حيث يمكن أن تؤخذ هذه النصوص كنماذج حية للحوار الفلسفي في داخل الصف. وهذا يمكن المعلمين من تعزيز قدرة الأطفال على الحكم والتساؤل والحوار الفلسفي والمحاكمة المنطقية.

وهنا يمكن القول بأن العلاقة القائمة بين النص وبين الفلسفة يمكنها أن تأخذ صورة علاقة أداتية غائية في جوهرها. فالنصوص والقصص لا تأخذ هنا قيمة في ذاتها أبدا بل هي أداة لقيمة فلسفية محددة بصورة مسبقة. وهذا يعني بأنه يمكن إسقاط مضامين هذه النصوص واستبعادها حالا بعد أداء المهمة الفلسفية في بناء الحوار الفلسفي المطلوب. ومع ذلك كله فإنه لمن المفضل أن تكون مضامين هذه النصوص إيجابية ومشبعة بالمعاني الجمالية والروحية ومتساوقة إلى حد كبير مع الروح الفلسفية للمحاكمة والحوار. وغني عن البيان أيضا أن هذه النصوص يجب أن تتوافق وتتوازن مع مستويات التطور السيكولوجي للطفل في كل مرحلة عمرية. والمهم جدا في هذه النصوص أن تكون داعمة لمسألة الحوار الفلسفي المطلوب بين الأطفال.

ومما لا شك فيه أن مثل هذا البرنامج الفلسفي للتربية ينطوي على عدة نقاط سلبية تتصل بالنموذج التربوي المطروح عينه. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما مدى مشروعية هذا النموذج وكيف يمكنه أن يحظى بالمشروعية ؟ كيف يمكن بناؤه أيضا وتحويله إلى ممارسة حيّة؟ وهل يتوافق هذا النموذج مع نزعة الطفل إلى الاستقلال ؟ وكيف نتصرف مع الأطفال الذي لا يمنهم التكيف مع هذا النموذج التربوي ؟ هذه أسئلة تطرح نفسها حول معطيات هذا النموذج التربوي.

ويضاف إلى ذلك أيضا أن الموضوعات التي يفترضها هذا التدريب على التفلسف هي موضوعات كلاسيكية من تاريخ الفلسفة، وهذا التاريخ الجزئي يمكن أن يكون موضع مناقشة وتساؤل وارتياب بين الباحثين والمفكرين. وهذا يعني من جهة أخرى أم المشكلات الحياتية والفلسفية المعاصرة لن تكون حاضرة في مثل هذا البرنامج أو التجربة الفلسفية. وكما لاحظنا فإن انتقاء النصوص عبر هذه التجربة ليس منهجيا بل يعتمد على مجرد المصادفة الخاصة. وهذا النموذج يفترض أن موضوعات الفلسفة واحدة في كل زمان ومكان، وهذا ينسحب على مشكلاتها وقضاياها.
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed