السبت, 02 حزيران/يونيو 2012 23:30

الدولة والمُثل العليا والحصانة القضائية لمن ؟

كتبه  د.عبد الجبار العبيدي
قييم هذا الموضوع
(0 أصوات)

lw-booksان المُثل العليا  في حكم الدولة أمر لابد منه ولا مناص دينية كانت أم مدنية، لكل دولة او مجتمع يريد ان ينتظم،ولكل حزب يريد ان يتشكل ، ولكل فرد يريد ان يعمل بالسياسة يجب ان تحكمهم القيم والمُثل العليا.
ان القانون الاخلاقي مُثل عليا أنسانية تدخل تحت ميثاق المجتمع،وهو غير قابل للاختراق تحت اي شعاراسلامي أم قومي أم فردي.

 

هذا القانون يجب ان يكون مستبعد من اي قيمة تراثية ،لانه قد يؤدي الى الاستبداد السياسي في الدول التي لم يكتمل دستورها وقانونها وأمنها الوطني بعد.
لقد ُطرح العلم كشعار آيديولوجي،لكن الاخلاق لا تتعارض مع العلم ،كون العلم  ليس من السياسة،والاخلاق هي آيديولوجيا مرتبطة بالقيم الانسانية الاجتماعية  التي يجب ان تتحلى بها المؤسسات العلمية والسياسية والتشريعية . اي ان الاخلاق بمفهومها العام راسخة في الوعي الجمعي للمجتمع،تتمثل في الموقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي  الذي يشغله الانسان.
من هذا التوجه الاخلاقي للمُثل على رجل الدين  ورجل السياسة  ان لا يُعرض نفسه للمعايير المخالفة للمثل العليا المتمثلة في الاخلاص والامانة والاستقامة وان تعتبر من مبادئه العامة التي لا تناقش. فالسياسي الذي يشغل منصبا من مناصب الحكم،عليه ان يعلم ان الأعين مسلطة عليه،لذا فالأمانة والعدالة والنزاهة والصدق وأحترام الأخرين ،كلها مطلوبة منه شخصيا ،ومطلوب منه الدفاع عنها اذا أخترقت.لذا فالقيم العليا يجب ان تكون هي الدولة.
لا احد يشك ان تطبيق المثل العليا في الدولة مفروغ منه وغير قابل للنقاش ،واذا ما أخترقت هذه القيم والمثل  فسيحل الدمار والطغيان والفساد فيها،كما نراه اليوم. لان القيمة الاخلاقية في الدولة الدكتاتورية قيمة ثانوية لا يتم الدفاع عنها،وبالتالي يتخلف المجتمع وتسود الفوضى والانحلال ويموت المجتمع تدريجياً.
من هنا لا يجوز لحزب ان يطلق على نفسه الحزب الاسلامي او الديمقراطي او حزب العدالة  ،كما لو ان المثل العليا ملك له،وان بقية الناس والاحزاب بلا مثل عليا. من هنا فنحن نرفض اسلمة السياسة.اما من يطرح شعار (الاسلام هو الحل)نضع تحته حجاب المرأة،والطائفية والعنصرية والغاء الفن وتطبيق فقه الشافعي وفتاوى ابن تيمية وهي مهزلة مرت علينا دون وعي لها ، فأدت الى زرع عوامل التخلف والفرقة في مجتمعاتنا العربية.


لذا لا علاقة لشعائر الايمان ببرامج ونشاطات الاحزاب السياسية ،فهي فوق التعصب،فالتعصب الواعي هو للوطن  والشعب ولا غير.
نحن ندعو المجلس الاسلامي الاعلى ان لا يعلن انه حزب اسلامي ،وندعو الحزب الاسلامي وكل التنظيمات الاسلامية ان تبعد هذه التسميات عنها لمخالفتها شروط المُثل العليا التي جاء بها الاسلام لكل الناس .
والشهادة  في الصلاة لاعلاقة لها بنظام الحكم،فكيف تفرض هذه الاحزاب اليوم اعلان الشهادة بشهادتين،والصلاة بنوعين،والافطار بزمنين مختلفين.من هنا تساهم التوجهات الدينية في تفرقة المجتمع وزرع العداوة بين ابنائه قصدا ،واذا ما تعود المجتمع عليها تنهار المثل العليا عنده،وهذا ما نلاحظه اليوم مع الاسف بعد ان تعمقت الطائفية في النفوس ونخشى من ان تتحول الى عقيدة فكرية في المجتمع .ان الحكومة مسئولة عن هذا التوجه الخاطىء،لابل نقول أنها شريكة فيه.وهي توجهات أطبق الطغيان الديني المتزمت قبضته عليها فجعلنا اسرى فتاواها التي تتناقض مع المثل العليا في الاسلام.
ان الدفاع عن الوطن ليس جهاداً في سبيل الله ،وهو ليس وقفا على المؤمنين ،أنما هو قتال وطني يقوم به اصحاب الارض من اجل طرد الغاصب المحتل .اما القتال من اجل الفتح والاحتلال والمبالغة في القصاص من اجل فرض الدين فهو ليس قتالا مشروعا،لأنه يخضع لقانون الاكراه ،والاسلام شعاره لا أكراه في الدين.
اما مفهوم الجهاد في الاسلام فهو شيء اخر يخضع لقانون محاربة الاستبداد والاعتداء على اراضي المسلمين وحريتهم لان، الاعتداء على الاخرين محرم  شرعا وقانونا في الاسلام،لذا فمسألة الفتوح الاسلامية تحتاج الى معالجة منهجية قبل قبولها كتشريع.
من هنا نفهم ان الشورى هي الوسيلة الوحيدة لحماية المثل العليا وعلى رأسها الحرية،هذه الحرية التي فصلها الاسلام عن العقيدة وجعلها متطلبا انسانيا لا يجوز التجاسر علية بغض النظر عن المعتقد الديني. وتشمل حرية المعتقد  وحرية تداول السلطة سلميا،وحرية الرأي والرأي الاخر،وحرية الصحافة والقلم والتظاهر السلمي للتعبير عن الرأي . يقول الحق :( وقل وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظلمين نارا،الكهف 29) ولم يقل للكافرين نارا لأن الظلم قد يمارسه المؤمن والكافر،لذا فتحديد الآية  الكريمة جاء غاية في الدقة والتمييز.


 

في مثل هذا النظام تكون المثل العليا مصونة في دولة الاسلام المدنية،لأن بها يكون الدفاع في حالة استبداد الحاكم وظهور الطغيان.ونحن كمسلمين علينا اول من يلتزم بالمثل العليا بموجب الشورى ،وعلينا ان نتحرر ( من الرزق المقسوم والاجل المحتوم) والاستبداد الفكري والمعرفي ونلغي نظرية التقديس ،كلها كلمات قاتلة زرعت فينا من قبل رواد السلطة ووعاظ السلاطين.بعدها نصل الى الديمقراطية السياسية.
ان الحرية والديمقراطية الحقة هما النمط العلمي للحياة الانسانية وانهما من تكاليف الايمان والحامية للمثل العليا.وهذا يدفعنا الى الايمان المطلق بتداول السلطة سلميا  ومن يرفض يزاح بقوة القانون، والمعارضة وفصل السلطات وتحديد السلطة عن حقوق الناس،وان نرمي خلف ظهورنا نظرية  هكذا اجمع الجمهور، والفقهاء والهامانات الذين يعيشون على حساب الاخرين ،,هي ادبيات ورثناها من وعاظ السلاطين وليس لها من اصل في بناء دولة الاسلام المعاصرة ،لانها ولدت في ظروف مختلفة عن ظروفنا التاريخية الحالية زمنيا ومكانيا والزمن يلعب دور في عملية التغيير.
ان الخطوط العامة للسياسة تتمثل في:
قانون التطور ،والبيانات العلمية في مراكز البحث العلمي ،واساسها الاباحة ليعلم الجمهور كل جديد فيها،واعتبار السلام اساس العلاقات الدولية،والقتال في سبيل الوطن من الواجبات ضد المعتدين واحترام الاسرة وتوفير مستلزمات العيش الرغيد لها ، وهذه هي واجبات الدولة.
هذه هي المثل التي يجب ان يتقيد فيها الحاكم لا أن كل يوم يأتي بجديد فارغ وقد امضينا تسع سنين ونحن لاهين في المعارضات والمناكفات والجدل البيزنطي والزمن يمر والشعب يموت والقادة يتخمون من كل صنف ولون.اين الاسلام في هذه السياسة الخارجة على القانون،فالمجلس النيابي معين وليس منتخب  ونصفه هارب لا يحضر جلسات المجلس  ولا يُحاسب ،اين وعود رئيس المجلس بالمحاسبة للمتغيبين وهو يشبه ابن بطوطه  اليوم بين اوردغان الحاقد على العرب والسعودية الحاقدة على التغيير والقائمة العراقية تلهو بعرابها حيدر الملا  وبرئيسها الذي حرق الفلوجة والنجف  ولا سائل ولا مجيب.اما السيد مسعود البرزاني فيريد ان يغطي على أخطاء وتجاوزات الأقليم ولو عددناها لذهل الشعب منها اجمعين وهي اكثر من كثيرة لو فتح فيها التحقيق وخاصة في لفلفة حقوق الاكراد الفيليين، واسلحة الجيش العراقي القديم،  والنفط والجمارك واعتداءات البشمركة وماولات الاظهار بمظهر الاقليم المستقل امام العالم  وكأنه الرئيس. وهذه كلها مخالفات دستورية يعاقب عليها القانون،فهل من مجيب؟بعد ان احتل الاكراد كل مناصب الدولة الهامة والسفارات ونحن ليس لدينا فراشا في اربيل..
والوزراء مممن هب ودب وفي غالبيتهم لا احد يعرف سيرهم الذاتية كما حصل للسراق والهاربين منهم بحجة انهم يمثلون الكيانات ،وكأننا عدنا الى سقيفة بني ساعدة منا امير ومنكم امير.  فأين المُثل العليا في الدولة العراقية أذن ؟. ولاشيء. همهم الوحيد ازالة المالكي ،وكانهم اصبحوا هم طيور الجنة  البيضاء والمالكي هو الوحيد بينهم عاجز عن الطيران،بينما العكس هو الصحيح ،والشعب العراقي أصبح اليوم يدرك هذا تماما. وسنرى في الانتخابات من سيفوز لو اجريت على الصحيح.



انتبهوا ايها السادة فالثورات مثل قٍدر الماء اذا غلى وفارت فيه المياه  يرفع الغطاء ويحرق الطباخين،فهل تعلمون؟
نحن نطالب بعقد المؤتمر الوطني المزمع عقده في بغداد وليس غيرها علنا وامام الجمهور لتكشف الحقائق لكل الشعب العراقي دون تمييز،وحتى نرى من هو المقصر المالكي ام الأخرين؟ لقد دمر الشعب وانتهكت الثوابت الوطنية واعدمت الخدمات  وسرقت الاموال  واستبدوا بوظائف الدولة وكأن العراق بلد الاجانب لا بلدهم في التقدير،كلها من اجل نفر لا يعترف حتى بالضمير،أمن اجل هذا جاء التغيير؟اكشفوا الاوراق لنرى اين مكامن التقصير ان كنتم شجعان ومخلصين؟
اما الحصانة :
بمفهومها العام والخاص اليوم  ليس لها تاريخ في الاسلام.انما قصد بالحصانة الشرعية :هي البناء العقدي المتينمن خلال الفهم الناضج لمنهاج القرآن،ووقاية الفكر والعقل عن كل ما يخل بهما من الأراء الفاسدة المخالفة لمنهج الأسلام.
اليوم تعني هي ميزة تمنح لاعضاء البرلمانات حيث لا يمكن متابعتهم  او القاء القبض عليهم الا اذا اخل النائب بشروط الحصانة،كأن يقوم بعمل منافٍ للقانون وسلطة الدولة ،او يضبط بعمل اجرامي داخل الدولة اي كل عمل يقوم به النائب يتضمن ما يخل بالاحترام والواجب الوطني.
والحصانة البرلمانية اول ما ظهرت في انكلترا بعد الثورة الجليلة عام 1688 وظهور وثيقة الحقوق البريطانية(الماكنامارتا).التي حددت الحصانة وشروطها .
من هنااتفق المجتمع الدولي على تحقيق العدالة الجنائية ومحاربة الافلات من العقاب كان يهدف بالاساس الى تحقيق ما نسميه الردع العام ضد مرتكبي الجرائم  وخونة الاوطان وما اكثرهم في بلادنا من الهاربين.فاصبحت الحصانة تنزع من النائب اذا توفرت شروط الاخلال بها  وحتى لو تمتع صاحبها بحصانة قضائية  ودبلوماسية  استنادا الى قانون داخلي  او اتفاقية دولية.
لكن هذا يحتاج الى جرأة في تنفيذ القانون ورمي المصالح الخاصة والتوافقات الشخصية جانبا بعد ان قتلتنا الردة.

 

المصدر : www.m3arej.com

 

إقرأ 9053 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 25 أيلول/سبتمبر 2012 08:32
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed