الإثنين, 17 كانون1/ديسمبر 2012 20:13

كارتون الأطفال بين الانحلال وزعزعة العقيدة!

كتبه  تسنيم الريدي
قييم هذا الموضوع
(0 أصوات)

سندريلا، الأميرة النائمة، سنووايت، الأميرة والأقزام السبعة.. كلها أسماء قصص ديزني، وهي قصص أطفال تراثية خيالية رومانسية أثرت في تشكيل وجدان الأطفال وخيالاتهم وطموحاتهم، هذه القصص انتقدتها الكثير من الدراسات الاجتماعية لأنها تركز على مفهوم الجمال باعتباره الطريق الوحيد للحصول على الثروة والجاه والمستقبل الباهر.

 

وقد وضحت إحدى الدراسات الأميركية أن هذه القصص تؤكد منطقاً خاطئاً وضاراً يترسخ في ذهن الأطفال ألا وهو "من الأفضل أن تكوني جميلة" إلى جانب مفاهيم أخرى مدمرة ومعوقة تمنع الصغار في المستقبل من الكفاح والمثابرة في العمل من أجل الوصول إلى حياة أفضل وتعليق الأمور كلها على الحظ، كما ذكرت هذه الدراسة أن التركيز على المظهر الخارجي وليس الجوهر خاصة بالنسبة للفتيات يشوه أفكارهن، وفي النهاية أكدت الدراسة أنها لا تدعو إلى إلغاء هذه القصص أو عدم حكايتها للصغار، ولكن على ضرورة مناقشة شرح بعض القيم التي تحملها هذه القصص للأبناء وخاصة مسألة التركيز على مفهوم الجمال على حساب التعليم والعمل في الحياة.

وقد ظهرت المشكلة بشكل أوضح عندما بدأت قناة سبيس تون ببث الأفلام مدبلجة سواء الأميركية أو حتى اليابانية والكورية، فسابقاً كان الأطفال يرون مجرد بعض الصور المتحركة وكان ضررها متمثلاً في الصور التي تحمل مشكلات أخلاقية أو تربوية أو بعض معاني العنف دون فهم الكلام، لكن الآن يعرض الغث والسمين، صار يسيرا وفي متناول الطفل فهم المواقف والكلمات والأفكار مما ييسر وصول أفكار من أراد بثها في أطفال المسلمين، فتربى جيل يحمل الوهم كبديل وحيد لحل المشكلات، فهو لا يريد أن يعمل ويكد بل ينتظر أن يكون قويا كالبطل المقنع أو ذكيا كالمحقق كونان أو ماهرا كالكابتن ماجد أو تهبط عليه ثروة أو يصبح ذا قوة خارقة تدمر كل شيء دون عمل أو عناء، وأصبحت العقلية الخيالية هي التي تحكمهم.

طفل ضحية باتمان!

وقد تناقلت وسائل الإعلام عام 1992 ما صار في إحدى الأحياء الشعبية بالقاهرة لتصوير مقتل طفل يبلغ من العمر 7 سنوات ربط قطعة من القماش حول رقبته وتركها تتدلى خلفه مثل بات مان وانطلق- ليطير بها - من نافذة بيته التي يقطن به في الدور السادس ليسقط قتيلاً، نقلته دون أن يدرس المتخصصون سبب الحادث.

لذلك توجهنا إلى بعض الأطفال لبحث تأثير هذه الأفلام عليهم فتبدأ أسماء 12 سنوات قائلة: "أتمنى دائماً أن أكون في جمال أميرة الوحش، وأتمنى أن يكون لي فساتين جميلة مثلها، فهي محظوظة بحب والدها، والذي أدى لزواجها من أمير وسيم".

وتتفق معها هناء 13 سنة قائلة: "هذه الأفلام خيالية لا تؤثر فينا، لكني كثيراً من الأحيان عندما أتمنى شيئا، ولا يستطيع والداي أن يحضروه لي، أتخيل سنووايت التي حصلت على كل ما تريد من الجنية الطيبة، لكن الحياة ليست هكذا للأسف".

حتى أحمد 16 سنة والذي يرفض الانسحاب من عالم الطفولة كان له رأي آخر حيث يقول: "الكثير من الكبار يشاهدون أفلام ديزني، ويتابعون بشغف قنوات سبيس تون وسبيس باوور، ولا يمكننا أن ننكر أن القوة هي التي تغلب دائماً، فليس دائماً الحق الذي يغلب الشر، وهذا بالفعل محور أغلب أفلام الكارتون، وهذا يمثل العالم في الوقت الحالي، فالقوى العظمى هي التي تسيطر على العالم، وتعاملهم مع العالم العربي والإسلامي في منطقهم مثل معاملة توم وجيري!!".

لا للمنع.. نعم للنقاش!

وكان يجب أن ننقل هذه الآراء إلى الآباء والأمهات لنرى مدى ملاحظتهم لمخاطر هذه الأفلام وتأثيرها على الأبناء فيرى السيد ماهر 42 الأب لثلاثة أطفال أن الأفلام بحد ذاتها ليست مشكلة في متابعة الأطفال لها لكن يجب أن تجلس الأم بجانبهم لتغربل السيئ منه ويضيف قائلا: "منع الأطفال عن كل ما هو سيئ ليس في مصلحتهم، بل أرى أنه يجب أن يطلع الأطفال على كل شيء، ثم مناقشتهم في الأخطاء التي يحتوي عليها الفيلم، لكن بالطبع لا أتحدث عن أفلام كارتون تحتوي على مواد إباحية أو عري، إنما أقصد التي تتناول أخطاء عقائدية، أو سلوكية تربوية".

ويضيف أمجد 49 عاماً بحدة: "في الحقيقة أعتقد أنه مهما احتوت هذه الأفلام على مشكلات تربوية وعقائدية، فهي أقل ضرراً من أن يجلس الأبناء أمام المسلسلات العربية والأجنبية الساقطة، والأغاني والكليبات الهابطة، فمهما كان ضرر أفلام الكارتون يمكن إصلاحه، فأنا ابنتي قد شارفت على التخرج من الجامعة وتهوى أفلام الكارتون، ولا تعير اهتماما للأغاني مثل من هم في مثل سنها، فمن الرائع أن نربي جيلاً طفولياً لا جيل ماكراً لا يشغله سوى العنف والجنس!".

وتتفق معه شذى 38 عاماً وتضيف قائلة: "أصبحنا في وقت يصعب فيه منع الطفل من التلفاز أو جهاز الكمبيوتر، لأني إن منعته سيصير عنده شغف بهما وسيخرج لمشاهدتهما في أي مكان دون أن يخبرني، لذلك أحاول قدر الإمكان إحضار أفلام الكارتون الإسلامية والتي تعرض على قنوات الرسالة أو أقرأ أو قناة الأقصى على اسطوانات ومشاهدتها معه في البيت، لكنه أحيانا يحضر بعض الأفلام من أصدقائه فأراها معه، ويتفهمني أن طلبت منه أن يغلقه إن احتوى على مشهد لفتيات عاريات، وأوضح له حجم عقابه عند الله إن اطلع عليه، كما أحاول أن أرافقه لسينما الأطفال والتي أتابع عروضها الجيدة منها".

ومن الأمهات اللاتي تعاني مع بناتها سمية 33 عاماً والتي تقول شاكية: "للأسف لم أنتبه لمثل هذه المشكلات عندما كانت ابنتي صغيرة، وكنت أعتقد أن أجعلها تجلس أمام شاشات الكارتون، أفضل من تركها أمام المسلسلات العربية والأغاني الهابطة، وللأسف تعاني ابنتي المراهقة الآن من فقدان ثقتها في نفسها رغم أنها متفوقة، لكنها ترى أن الجمال أهم من التفوق، فهي ليست بيضاء البشرة ولا رشيقة القوام بالقدر الكافي، فتحاول للأسف تعويض ذلك بأشياء أخرى كرغبتها في ترك الحجاب الإسلامي، بل وتتحدث معي أحياناً فيما يجذب الشاب للفتيات لجمالهن، دون أن تعير اهتماماً لكلامي بأن خلق الفتاة وحياءها ودينها هو الذي يجذبه لها لتصبح زوجة صالحة له، لا صديقة يغضب منها الله ولا يرضى عنها.

ففي دراسة أمريكية حول العنف الناتج عن أفلام الكرتون رصدوا فيها ما تحتويه أربع قنوات فقط للكارتون وتذيع اثني عشر برنامجا فقط في الأسبوع فوجدوا أن حصيلة ما يبث في عقلية الأطفال ما يلي: أربع حالات انتحار، وسبعة وعشرون معركة بالأيدي وأضعافها بأسلحة خرافية، وعمليتا اغتيال، وواحد وعشرون عملية نزاع.. فماذا ناقش إذن؟!

مخالفات عقائدية

توجهنا للدكتورة أمل الدريني الأستاذة بكلية رياض الأطفال جامعة عين شمس والتي توضح مخاطر أفلام الكارتون الغربية قائلة: يجب أن يدرك الآباء والأمهات أن الطفل يعيش درجة من الاندماج والتوحيد الشديدين مع الشخصيات الكارتونية التي يشاهدها ويتعلق بها، بل وكثيراً ما يتخيل نفسه محل البطل، فيؤمن بنفس الأفكار التي تعرض عليه عبر الفيلم الذي يشاهده، ويتصرف في بعض الأحيان كما تصرف البطل، هذا بالإضافة إلى الكثير من المخالفات العقائدية التي توجد في أفلام الصغار، كما تمثل بعض أفلام الكارتون مثل "يوجي" قضية تعدد الآلهة وتمثلهم في البشر، مثل آلهة الخير وآلهة الشر وصراعهم، وتدخل إله القوة بجانب إله الخير، وهذا كله يترسخ في عقيدة الطفل دون أن نشعر.

كما تحوي معظم أفلاك الكارتون كمًّا ضخمًا من العنف الحادّ؛ حيث طلقات الرصاص والدماء والقتلى، وما يترتب على ذلك من استبدال حركة الطفل الطبيعية بحركة مدمرة غير عادية يشاهدها على الشاشة، ويختزنها داخل بنائه النفسي الرقيق، الذي يتغير بكثرة المشاهدة، فيحدث تحول مشوّه له، فيصبح الطفل عنيفًا وعدوانيًّا، وإن كان غير نشيط جسمانيًّا..

كما نجد مسلسل الجاسوسات نموذج حي يمثل الانحلال الأخلاقي فيما يقدم للأطفال، بدءاً من ملابسهن المنحلة، والمفترض أنهن يحاربن قوى الشر في العالم، وعلى سبيل المثال تجد الجاسوسات أن النساء في المدينة يهجرهن أصدقاءهن! وتبحث الجاسوسات عن السبب حتى يكتشفن عطرًا يباع في المدينة عندما يشمه الرجال فإنهم يتركون صديقاتهم، ويبحثن عن الحب في مكان آخر! وبالتالي يعتقد الأطفال والمراهقون أن العلاقات بين الرجال والنساء شيء عادي، والشرير هو من يحاول إنهاء هذه العلاقات ـ الرومانسية الرائعة -!!

سلسلة هاري بوتر

كما كان لسلسة أفلام هاري بوتر والتي كان لها صدى كبير وجمهور عريض تأثير سيئ على شريحة كبيرة من الأطفال والشباب المراهقين حيث وضحت هذه الأفلام أن السبيل الوحيد للتخلص من الشر والخوف يكون بالسحر واللجوء للسحرة الذين يستطيعون أن يتحكموا في الكون بالموت والحياة ويحملون كل صفات الإلوهية.

كما أعتمد الفيلم على بطل وسيم وفتاته الجميلة والذي رسخ في قلوب الأطفال والمراهقين أن الجميلات فقط من ينجذب إليهم الشباب، ورسخ مفهوم الصداقة بين الجنسين، بل وجعل تبادل الأحضان والقبلات – بين زملاء الدراسة – شيئا عاديا، كما رسخ الفيلم حب الانتقام بالقتل، هذا إلى جانب اعتماده الكلي على الخيال والخرافات، مما سبب في تربية جيل تافه من الشباب والأطفال، وللأسف لا يهتمون بقضايا الأمة، يميلون للعدوانية والعنف، يؤمنون بأن القوة هي مفتاح النصر بعيداً عن الإيمان بالله والتضرع.

 

المصدر : www.kidworldmag.com

إقرأ 8949 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 02 شباط/فبراير 2016 00:04
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed